مصدر الصورة: أبجد

الكاتبة: شيريل ساندبرغ

التصنيف: 4 من أصل 5.

إن كنت ممن يصابون بالصداع من مطالبات حقوق وحرية المرأة، فربما تصاب بصداع مزمن لا شفاء منه إن قرأت هذا الكتاب !

حسنا ربما قد بالغت قليلا!

ولكن تخيل معي هذا السناريو: لو أن امرأ ة أرادت الاستمرار في عملها بعد إنجابها لطفلها الأول، فهل سيكون الأمر سهلا من الناحية المادية والاجتماعية؟ ولا أتحدث هنا عمن يمنعن من العمل جملة وتفصيلا “وبؤمرن ” بالبقاء في المنزل، ولكن عن أولئك النساء اللاتي لديهن المجال للاستمرار، ما مدى إمكانية ذلك؟

بعض الأفكار التي تطرحها الكاتبة هنا:
  • هل على النساء دائما التخلي عن طموحاتهن من أجل تكوين أسرة؟
  • لماذا تتهم النساء بالأنانية أو يتعرضن للانتقاد إن اخترن الاستمرار في العمل خارج المنزل وترك أبنائهن في مراكز رعاية الأطفال أو عند مربية بدلا من البقاء معهم في المنزل ؟ ولماذا يختزل دور الأب في جني المال والعمل خارج المنزل فقط؟
  • لماذا نرى ندرة النساء في المناصب القيادية والعليا في المؤسسات ؟ وكأنهن عالقات في الدرجات الأولى من السلم الوظيفي ولا يستطعن الصعود! وهل لهذا علاقة بالنظرة الاجتماعية لدور المرأة في المجتمع؟

هذه الأسئلة تطرحها شيريل في كتابها تقدمي إلى الأمام والذي هو رسالة للنساء في المقام الأول لكي لا يتخلين عن تحقيق أحلامهن المهنية ولكي يتجرأن أكثر على الترشح وأخذ مناصب إدارية يندر فيها وجود النساء.

انضمي إلى الطاولة!

شيريل ساندبرغ – والتي تقلدت مناصب إدارية عديدة في حياتها في شركات كبرى – كقوقل وفيس بوك- تناقش وجود النساء في بيئات العمل ونوعية المناصب التي يتقلدنها خلال سنوات عملهن، وما يمكن أن يكون عائقا لتقدمهن في سلم المناصب العليا. حيث تحث النساء على التقدم والمشاركة في صنع القرار.

تناقش الكاتبة الأسباب الاجتماعية التي قد تمنع الكثير من النساء من اتخاذ قرارات أكثر جرأة تتعلق بأعمالهن، وكيف أن تلك المعوقات لم تتغير كثيرا على مدى عقود، مع أن نسبة النساء الخريجات من الجامعات تساوي تلك في الرجال في الولايات المتحدة.

شيريل أيضا ناقشت مطولا الدور غير الموجود أو غير المتوقع للرجال داخل الأسرة – غير جلب المال طبعا- كالمشاركة في رعاية الأطفال وإدارة المنزل ، مع أن النساء قد يتحملن أعباء العمل خارج البيت وداخله. وتسرد أمثلة كثيرة لتدحض فاعلية الفكر السائد عن الأدوار التقليدية للأم والأب داخل الأسرة.

من أهم النقاط التي تذكرها الكاتبة هو تقصير الحكومات في دعم الأهالي والأمهات بالتحديد في تسهيل الحصول على مساعدات رعاية الأطفال، والمرونة في ساعات العمل ، والذي قد يتسبب في انسحاب الكثير من النساء من ساحات العمل لفترات متفاوتة أو يدفع النساء عموما لأن يكن أكثر تحفظا في اختياراتهن، الأمر الذي يؤخر أو يمنع النساء من تقلد مناصب عليا.

ملاحظة: الجدير بالذكر هو أن كتاب تقدمي إلى الأمام يناقش هذه المواضيع في بيئة المجتمع الأمريكي، ويناقش قوانينه، فليست كل الدول مقصرة في هذا المجال، ونذكر في هذا السياق كندا والنرويج، اللتين توفران تسهيلات كثيرة لرعاية الأطفال وبالتالي تسهيل عمل الأمهات وتشجيع النساء عموما على التطلع لمراكز قيادية.

رأيي بالكتاب:

أعتقد أن موضوع الكتاب جدير فعلا بالبحث والنقاش أكثر، بعيدا عن موروثات اجتماعية قد لا تصلح لهذا الزمان، ولا تصلح أن تعمم على مجتمعات بأكملها. إعطاء حرية الفكر والاختيار للنساء والرجال على حد سواء مهم جدا. 

ويجب أن أنوه إلى شيء مهم هنا وهو أن تفهم أو الإعجاب بفكرة أو فكر معين لا يوجب بالضرورة تبنيه حرفيا، فلكل مجتمع قيمه وتعاليمه الدينية والاجتماعية، ولكن المهم هو إعطاء المجال للعقل بالإطلاع على مبادئ وأفكار أخرى، مادامت لا تتعارض مع ثوابت الدين. بوجهة نظري، الدين هو الشيء الوحيد الذي يجب أن تبقى أسسه ومبادئه ثابتة – وإن تغيرت بعض التفاصيل – وما سوى ذلك فالمجال فيه يجب أن يكون مفتوحا! (ولا أعني هنا أن الدين لا يناقش أو يدرس على المستوى الشخصي، مطلقا، وإنما هنالك جوانب تبقى ثابتة).

شعور متناقض بعد قراءتي للكتاب؟

عندما انتهيت من قراءة الكتاب كان عندي شعور متناقض! في قرارة نفسي، اتفقت مع الكاتبة في كثير من الأفكار المطروحة، ولكن أحسست أن الكتاب ينصح النساء بتغييرات تعتبر مستحيلة عند كثير من الأسر، ما قد يسبب حالة من الضغط على النساء ومطالبتهن بما لا يستطاع.

وبالرغم من أن الكاتبة كررت مرارا وتكرارا على أهمية حرية الاختيار للنساء بين الاستمرار أو التخلي عن أعمالهن أو تقليصها، إلا أن الفكرة العامة للكتاب كانت تشدد على أهمية المنافسة في بيئات العمل وأهمية “الانتاجية في المجتمع” و “التقدم الشخصي” للنساء، وأعطت أهمية قليلة جدا لوجود الأم مع الأبناء في المنزل. وهذه النقطة بالذات لست متأكدة تماما منها، ويجب علي أن أبحث أكثر عن مدى أهمية وجود الأم الدائم مع الأبناء، هل هو حقا بالأهمية التي يعطيها البعض، أم أنه موضوع مبالغ فيه. وطبعا هناك فكرة مشاركة الأب “الفعلية” داخل المنزل التي تعتبر حراما عند الكثير!

انتقادات!

من الانتقادات التي وجهت لشيريل عن كتابها تقدمي إلى الأمام هو كونها تجاهلت مشكلات شريحة كبيرة من النساء في بيئات العمل وهن النساء من ذوي البشرة السمراء أو من عرقية غير أوروبية (بيضاء)، الأمر الذي قد يجعل الكتاب متحيزا لفئة معينة .

أتفق مع كون موضوع التمييز العرقي في بيئات العمل عميق ومهم التحدث عنه، وربما كان على الكاتبة أن تتطرق له وإن كان بشكل مختصر، فإن كانت تخاطب المجتمع الأمريكي أو مجتمع النساء بشكل عام، فالأولى أن تعترف على الأقل بالعائق العرقي الذي قد تواجهه كثير من النساء.

وأخيرا..

كتاب جدير بالقراءة بكل تأكيد. لا أقول أني أتفق مع الكاتبة في كل النقاط المطروحة، ولكني أتفق مع كثير منها، وأقف في حيرة من بعضها. 

من أنصح به: كل النساء، من كل الأعمار والخلفيات والمستويات العلمية. وطبعا الرجال كذلك، لأنه إن كنا نتطلع لتغيير في حال المرأة فلن يحصل -بالشكل المطلوب- دون مشاركة من إخوتنا الرجال!

عن الكاتبة: شيريل ساندبرغ مديرة العمليات في شركة فيسبوك، عملت سابقا في قوقل، والبنك الدولي. نشرت كتب أخرى عن الريادة والأعمال مثل الخيار الآخر ومهارات القيادة.

الفيديو في الأسفل هو كلمة مختصرة جدا للكاتبة شيريل عن ما تتحدث عنه في الكتاب.. أنصح بمشاهدته:

كلمة (تيد توك) تلقيها الكاتبة شيريل ساندبرغ عن المرأة والحياة المهنية. (يمكنك إظهار الترجمة العربية من خلال الضغط على المربع في الزاوية السفلى)
غلاف الطبعة الإنجليزية.. المصدر: Goodreads
تصنيف الكتابعدد الصفحاتاللغة الأصليةدار النشر العربية
كتاب سيرة ذاتية، تنمية بشرية، أعمال334الانجليزيةالدار العربية للعلوم ناشرون

هل قرأت تقدمي إلى الأمام من قبل؟

اقرأ أيضا:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top
%d مدونون معجبون بهذه: